نشرة شهر يناير - كتاب فن الحب لإيرك فروم.



الحب، مفهوم مجرد أم أفعال مفهومة؟

لا يُعرف فروم الحب بتاتًا في كتابة، ويؤصل فكرة أن الحب فعل لا عبارات رنانة، منطقية، أكاديمية، ممنهجة.

يأخذك برحلة بين أنواع عديدة من الحب، فالحب لدى فروم شمولي لا يمكن حصره في علاقة رومانسية، أو في محبة أم لطفلها، وعابدٍ لربه.

يؤكد ويقول: الحب شمولي. فمن يحب الناس جميعًا، فقد عرف نفسه حق المعرفة، واحبها. ومن كره الناس جميعًا، واصطفى شخصًا واحدًا وقدّسه وأحبّه، فقد خسر نفسه، ودخل في معمعة الإنفصال، ومهما أحبّ بكامل قواه فلن يقدر على الإحساس بالوحدة الحقيقية؛ الأصل.


ينتقد فرويد، قائلاً أن فلسفته وتنظيراته تأثرت بروح القرن التاسع عشر، وتملكتها الروح السائدة في سنوات مابعد الحرب العالمية الأولى. كما ينتقد الثقافة والفلسفة الغربية، التي انشغلت بتعريف الأشياء المجردة ومنطقتها، عوضًا عن القيام بها. يقول أن الثقافة والفلسفة الشرقية قامت على الفعل، أكثر من التعريف والتأليف ومنطقة الأشياء؛ يستشهد بالتاو، لم يُعرف التاو ابدًا، من يعرف التاو لا يحتاج لتعريف، والتاو المُعرف ليس بتاو. ولربما كان هذا سبب عدم تعريف فروم للحب، وفي المقابل، كان يذكر افعالاً تدل عليه وتجسده.

يقول أن الحب هو إحدى الإجابات القليلة، والمحاولات العديدة، لتخفيف ألم الإنفصال والتغلب عليه وتحقيق الوحدة. "تاريخ الدين والفلسفة هو تاريخ هذه الإجابات، هو سجل تنوعها، كما أنه سجل محدوديتها" 

يقول أن مدمن الكحول، والعاشق المهموم، ومدمن الجنس، والعابد المتطرف، والمنغمسين في عملهم، في الترف أو التقشف، في حب إنسان آخر؛ ليسوا سوى وجهٍ واحد، لعملةٍ واحدة. فجميع هؤلاء مرعوبون من الوجود، يصب في ارواحهم الخوف والقلق والتوجس من هذا الإنفصال لا الوحِدة، وكل مايفعلونه ليس سوى محاولات فاشلة لإعادة الإتحاد.

"إن أعمق حاجات الإنسان هي الحاجة إلى التغلب على انفصاله، ومغادرة سجن وحدته" وكل قصص التاريخ، والتنظيرات الدينية، والانتماءات المتنوعة، وأشكال النشوة، ماهي إلا محاولات عديدة للفرار من هذا السجن.


مها الفهيدي-


تعليقات